مسافر عبر الزمان ... جدلية الزمان والمكان - مدونة أحمد همام مسافر عبر الزمان ... جدلية الزمان والمكان | مدونة أحمد همام -->

مسافر عبر الزمان ... جدلية الزمان والمكان

لطالما حلم الإنسان منذ القدم بالسفر متنقلا بين العصور، ومسافرا عبر الزمان. ولطالما ظل هذا الحلم ضربًا من ضروب الخيال، على الرغم  من محاولات الكثير من العلماء ايجاد بصيص من الأمل لهذا الحلم.
ولكن هل نحن فعلاً نسافر عبر الزمان؟
قد لا يكون مفهوم السفر عبر الزمان هو إمكانية التنقل بين العصور السابقة والتالية، ولكننا نسافر عبر الزمان في اتجاه واحد فقط... إلى الإمام!
إن الشئ المؤكد هو أننا نسافر في المكان، نتنقل من مكان إلى آخر، ومن بلد إلى بلد آخر، قد تكون هذه حقيقة ملموسة، ولكن رغم ثبات هذه الحقيقية إلا أن هناك حقيقة أخرى مرادفة وملازمة لها أن ثبات المكان يلازمه تغير في الزمان. فمنذ آلاف السنين الأرض هي الأرض لكن المتغير هو الزمان.
إن واقع الأمر وإن كنا ننتقل من مكان إلى مكان، إلا أننا في حقيقة الأمر نسافر عبر الزمان، نعم إننا جميعًا نركب قطار الزمان، فلكل منا رحلة لها بداية ونهاية محددة الزمان، لا شك في ذلك، فليس المهم خلال رحلتك المكان، بل علينا الاهتمام أكثر بالزمان، فهو الشيء الذي نفقده في كل يوم ويبقى المكان.
ليس مهمًا إن كنت تسكن في أقصى جنوب الأرض، أو حتى في الشمال، ليس مهمًا إن سكنت في أفريقيا أو أوروبا أو حتى في بلاد العم سام، إن ذلك لن يؤثر بلا شك في رحلتك عبر الزمان.
فلنتخيل أن البشرية جمعاء تركب قطار الزمان... قطار الحياة... في كل ثانية بل في كل جزء من الثانية والدقيقة واليوم والشهر والسنة هناك من يترجل من القطار، وهناك من يصعد ليبدأ رحلة جديدة عبر الزمان، وهناك من ينتظر المحطة القادمة لا محالة، ليس مهمًا بُعدها في المكان، إنما ما ينقص في كل يوم هو الزمان.
قد يستشعر بعضنا أنه سيصل إلى محطته الأخيرة بعد سنوات، وقد يفاجأ بعضنا الآخر أن رحلته قد انتهت دون أن يصل إلى أي مكان.
وفي كل يوم يمر تقترب رحلة القطار من نهايتها، فالحياة لا تقاس ببعد المكان بل بالزمان،  فعندما يحين موعد ترجل الفرسان لا يهم المكان ، سواء كنت ساجدًا في المسجد، أو قائمًا تصلي في الكنائس أو المعابد بل وحتى في الطرقات، في البيت أو العمل كلنا ننتظر الزمان، فلا أحد يختار الزمان الذي يرغب بالترجل فيه، أو يقرر المكان.

فخلاصة القول إننا نسافر عبر الزمان لا المكان، فالمكان ثابت منذ آلاف بل ملايين السنين، ونغدو نحن زوار عبر الزمان، تنقضي رحلتنا لنفسح لغيرنا حق السفر في نفس المكان ولكن في زمان غير الزمان،  فلنُحسن جميًعا استغلال رحلة سفرنا عبر الزمان ولنستفيد منها قبل فوات الأوان (الزمان) لا المكان.
إن رحلتنا هي مع الزمان وليس المكان، فنرحل وينقضي زماننا وتنتهي رحلتنا ويبقى المكان.

 أليس كل منا مسافر عبر الزمان؟!

حقوق الطبع والنشر والنسخ محفوظة للكاتب
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *