أسلوب تفكير المظلة واستدامة المشكلات - مدونة أحمد همام أسلوب تفكير المظلة واستدامة المشكلات | مدونة أحمد همام -->

أسلوب تفكير المظلة واستدامة المشكلات

بقلم أحمد همام

نواجه في حياتنا كثير من المشكلات والمواقف التي تتطلب منا خطوات لمواجهتها أو إيجاد حلول لها، وهذه العملية هي ما يمكن أن نطلق عليه التفكير الذي يمكن تعريفه بأنه نشاط عقلي يقوم به الفرد لإيجاد حلول دائمة أو مؤقته لمشكلة ما.

وحدد "هاريسون وبرامسون (Harrison & Bramson 1982)  أساليب التفكير بأنها "مجموعة من الطرق أو الاستراتيجيات الفكرية التي اعتاد الفرد أن يتعامل بها مع المعلومات المتاحة لديه عن ذاته أو بيئته، وذلك حيال ما يواجه من مشكلات"، وقدَّما  في دراستهما مقياس يتضمن خمسة أنواع لأساليب التفكير الشائعة هي: التركيبي، والمثالي، والعملي، والتحليلي، والواقعي،  ثم تبعها العديد من الدراسات التي حاولت التعرف أكثر على أساليب التفكير، والتي اتفقت في معظم نتائجها على أثر البيئة فيها.
ورغم كثرة الدراسات التي تحاول التعرف على الكيفية التي يفكر بها الأشخاص في مواجهة المشكلات، ورغم اتفاق الأطر النظرية على هذه الأساليب أحيانًا، واختلافها في أحيان أخرى، إلا أن واقع الحياة يشير إلى اتباع الكثير من الأفراد نمط التفكير التقليدي، الذي يعتمد في بناء أحكامه على التجارب المكررة، أو ما أُطلق عليه أسلوب تفكير المظلة.
وأقصد هنا المظلة التي نستخدمها لاتقاء تساقط مياه الأمطار أحيانًا، واتقاء أشعة الشمس الحارة أحيانًا أخرى، وتتكرر هذه العملية باستمرار كلما تساقطت الأمطار أو تشابهت الظروف المناخية، وما أقصده هنا  بأسلوب تفكير المظلة: هو الكيفية التي يواجه بها بعض الأفراد المواقف أو المشكلات المتكررة، فيلجأون إلى فتح المظلة لمواجهة نفس المواقف بأسلوب نمطي وتقليدي، وإيجاد حلول مؤقتة تكاد أن تكون متشابهة دون التفكير في إيجاد حلول ابتكارية لهذه المواقف أو المشكلات التي تساعد في مواجهتها وتقديم حلول جذرية لها.
فشخص ما يواجه مشكلة تراكم الديون باستمرار، كلما واجه موقفًا مماثلًا سارع إلى الاستدانة، ويتكرر هذا الموقف باستمرار، دون أن يعمل على مواجهة هذه المشكلة بطرق ابداعية، بدءًا من تحليل الواقع الذي يؤدي إلى تكرار هذه المشكلة باستمرار. هل هو كثرة النفقات؟ أو قلة الدخل وزيادة الأعباء؟ فإن الاستدانة لمواجهة الموقف بصورة متكررة قد لا يكون مفيدًا، ولكن تقديم حلول ابتكارية تبدأ بتقليل النفقات، ومحاولة إيجاد طرق أخرى لزيادة مصادر الدخل قد تكون أكثر نجاعة بدلًا عن رفع المظلة باستمرار والهرولة نحو الاستدانة.
كذلك يبدو هذا الأسلوب من التفكير أكثر وضوحًا في حالة الظروف المناخية المتكررة بصفة دورية، فموسم الأمطار في بلد ما لا يمكن أن يواجه بنمط أسلوب المظلة (المؤقت) في التفكير لمواجهة هذه المشكلة المتكررة؛ وإنما بإيجاد حلول جذرية ابتكارية تقلل من مواجهة الآثار الناتجة عن تساقط مياه الأمطار وما ينتج عنها من فيضانات.
إن استخدام أسلوب المظلة في التفكير؛ قد يؤدي إلى نتائج كارثية، ويتيح الفرصة أمام المشكلات التي نواجهها بأن تصبح مشكلات أكثر استدامة، فأسلوب المظلة لا يعمل على حل المشكلة بصفة دائمة، وإنما يقدم حلولًا مؤقتة لمشكلات متكررة، تصبح فيما بعد مشكلات مستدامة، فالنمطية في التفكير لا تترك الفرصة لإعمال العقل والتفكير بطرق إبداعية لإيجاد حلول أكثر ابتكارًا، وتلجأ دائمًا إلى حلول أسهل استخدامًا، تتصف بالنمطية والتقليدية المؤقتة.
ومهما تعددت أساليب التفكير وأنماطه، فإننا في أمس الحاجة إلى التفكير الإبداعي الذي يسعى دائمًا إلى إنتاج شيء جديد، وإيجاد حلول جديدة مبتكرة للمشكلات، وامتلاك مهارات التخطيط والمراقبة والتقويم، بدلًا من اعتماد أسلوب المظلة الذي يعتبر مؤقتًا في حلها. فما أحوجنا إلى التفكير الإبداعي وإلى تطوير قدراتنا الذاتية والتسلح بالعلم والبحث بأساليب علمية متطورة لمواجهة المشكلات وإيجاد الحلول لها بطرق حديثة مبتكرة.


جميع حقوق الطبع والنسخ والنشر محفوظة للكاتب

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *