منذ بداية ظهور فيروس كورونا في مقاطعة "ووهان"
الصينية في ديسمبر الماضي 2019، ويعيش العالم أجمع حالة من الترقب الشديد بسبب خطورة
تفشي هذا الفيروس وصعوبة السيطرة عليه.
ورغم المأساة التي يعاني منها كل من يصاب بهذا
الفيروس والتي قد تؤدي في أحيان كثيرة
منها إلى الوفاة، إلا أنني سوف أتناول جوانب أخرى لتمدد وانتشار هذا الفيروس، فما
هي الدروس التي يمكن الاستفادة منها جراء انتشاره؟
التعاون الدولي:
إن ما نشهده من تعاون دولي بين الدول بمؤسساتها المختلفة
لمواجهة مخاطر انتشار فيروس كورونا، هي رسالة واضحة ودرس لنا جميعًا إن السيطرة على انتشار هذا الفيروس لا يمكن أن تتم إلا بالتعاون وتبادل الخبرات بين الأسرة الدولية بمختلف أعراقها ودياناتها ومعتقداتها. فهناك حالة من الإدارك
الدولي تفرض نفسها بضرورة التعاون بين الدول، ونبذ الخلافات والصراعات، لمواجهة المخاطر الصحية بانتشار فيروس كورونا،
وأنه لا سبيل للنجاة منه إلا بتكاتف الجميع.
ولتكن دعوة ودرس لنشر السلام ورفع معايير التعاون بين
الدول إلى أقصى درجاتها ، عندها نحقق إنسانيتنا ونزيد فرص النجاة من هذا الفيروس
ونستحق الاستمرار في الحياة.
القوة أم العلم:
هناك صراع دائم بين القوة والعلم، ويأتي هذا الفيروس
ليفك شفرة هذا الصراع، فهناك الكثير من الدول تمتلك من القوة وأسلحة الدمار الشامل ما
تستطيع به محو العالم وتدميره بالكامل، ولكن كل هذه القوة بجبروتها لا تستطيع أن
تصمد أمام هذا الفيروس رغم صغر حجمه وضعفه، وتقف أمامه شبه عاجزة.
وفي المقابل هناك إجماع بأن العلم فقط هو الوسيلة
الوحيدة للتغلب على هذا الفيروس، من خلال مراكز البحوث الطبية المتخصصة. وهذا درس أخر، بأن القوة الحقيقية هي قوة العلم، من
امتلكها امتلك مفاتيح المستقبل، ومن اتقنها قاد شعبه ودولته إلى بر الأمان.
مراكز الأبحاث العلمية:
إذا فرغنا من صراع القوة أم العلم، وكانت المعركة بلا
جدال لصالح العلم، فأين نحن من مراكز الأبحاث العلمية المتطورة التي تختص بدراسة علم الأحياء والميكروبات والأمراض، واللقاحات، مثل معهد "باستور"
الذي تأسس سنة 1887 في فرنسا، والذي يهتم بالبحث والتعليم وصحة السكان وتطوير
الابتكار ونقل التكنولوجيا، وكان له الفضل في اكتشاف البسترة واللقاحات الطبية
لعدد من الأمراض. مع العلم أنه يوجد ثلاثة أفرع في
دول المغرب المغربي فقط.
فأين هي مراكز البحوث العربية؟ وما هي احتمالية أن يكتشف
مركز أبحاث علمي عربي علاجًا أو لقاحًا لهذا الفيروس؟
إذا لم نولي هذه المراكز
البحثية الرعاية والدعم اللازمين لها، فإي نتائج ننتظر منها؟!
إن الحاجة ماسة في عالمنا العربي للاهتمام بمراكز
الأبحاث الطبية العلمية وتأهيلها التأهيل المناسب بالتعاون مع كبريات مراكز البحوث
المتخصصة في العالم، لتصبح قادرة على تقديم الدعم والمساعدة الطبية اللازمة في
حالة الأزمات الصحية.
قيمة الحياة:
بزيادة انتشار هذا الفيروس، وبتحقيقه عدد وفيات في ازدياد مستمر، يزداد إدراك
الكثير منا بقيمة الحياة، خاصة في وجود عامل خارجي يهدد بسلبها. فبدأنا
نعيد ترتيب أولوياتنا واهتماماتنا نحو أفراد الأسرة والعائلة، نزيد من وتيرة
اهتمامنا بهم وخوفنا عليهم، ونعيد ترتيب علاقاتنا مع الآخرين على أسس إنسانية وبمبادئ نسيناها أو تناسينها، مثل التكاتف والتعاضد والتعاون ونبذ الخلافات في ظل
تحييد العوامل المادية التي أصبحت في الوقت الراهن أقل تأثيرًا. ولطالما كانت كذلك
في ظل وجود تهديد باستمرار الحياة.
إن إدراك قيمة الحياة وقيمة الإنسان هي مكسب
حقيقي، لنا أن نتشبث به، رغم الخسائر البشرية التي قد تحدث جراء إنتشار هذا الفيروس
إن فيروس كورونا ليس الأول ولن يكون الأخير فماذا أعددنا
له ولمن يأتي من بعده؟!!
متعكم الله بالصحة والعافية
جميع حقوق الطبع والنسخ والنشر محفوظة للكاتب
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق