درجنا على الاحتفال في نهاية كل عام ميلادي برأس السنة
الميلادية ايذانا بنهاية عام مضى وابتهاجًا ببزوغ فجر عام جديد، وهكذا تمضي السنون
عامًا بعد عام لا يرسخ منها في ذكرياتنا سوى مظاهر الاحتفال بعام جديد.
ويرتبط الاحتفال بالعام الجديد بذكرى عزيزة على قلوبنا
وهي ذكرى استقلال السودان في 1956/1/1م، ورغم ارتباط هذه المناسبة زمانيًا
بالاحتفال برأس السنة الميلادية، لنا أن نتساءل هل هناك فعلًا عام جديد؟
حسب الحسابات وعلم الأرقام فهناك اشارات واضحة على تغير
في الأرقام تدل على قدوم عام جديد، ولكن ما هو التغير الذي حدث لنا؟ وما
الفرق الذي سيحدثه قدوم عام جديد في حياتنا؟ وما هي توقعاتنا وأمنياتنا للعام
القادم؟أم أن الأمر صار مجرد احتفال وراء احتفال.
فلينظر كل منا - ونحن بصدد توديع عام ميلادي- فيما مضى وليجيب عن هذه الأسئلة؛ ما الذي حققته
خلال هذا العام من انجازات؟ وما هي الأخطاء التي وقعت فيها وكيف اتجنبها مستقبلًا؟
وكيف اُحسن من وضعي العلمي والاجتماعي والاقتصادي بل وحتى المعنوي؟
واننا حين نستقبل عام جديد بفرح وبهجة وسرور، فإننا في ذات
الوقت نُلقي خلف ظهورنا عامُ وجدناه مثقلًا بالهموم والمشاكل، عام برئ من أفعالنا
براءة الذئب من دم ابن يعقوب، عام جعلناه يحمل أوزارنا وإخفاقنا وفشلنا في إدارة
حياتنا دونما ذنب جناه، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فسوف يأتي يوم على
العام الجديد الذي استقبلناه بكل ترحاب ليكون
هو عام المشاكل والهموم القادم في المستقبل.
ولكي نتجنب حدوث ذلك علينا البحث عن أسباب تكاسلنا أو قل
فشلنا واخفاقنا في العام السابق، وأن نستقبل العام الجديد بأهداف وخطط واضحة، لا
يكون فيها مجال للبكاء على زمان مضى، ولكن التفاؤل الايجابي بعام جديد نأمل ونسعى
أن نحقق فيه ما فشلنا عن تحقيقه في أعوام مضت، نسأل فيه أنفسنا ماذا نريد؟ نحدد
فيه أهدافًا تحقق سعادتنا وسعادة من حولنا،
ونرتقي فيه بالعلم ونطور من أنفسنا، ولنقدم في نهايته كشف حساب عما حققناه
خلاله من انجازات ونتخذ من اخفاقاتنا دروس وعبر نُحسن بها مستقبلنا.
إن كان العام الذي نحن بصدد إغلاق آخر صفحاته؛ عشناه
بدون أهداف واضحة، وبقرارات تشوبها العشوائية أحيانًا والمزاجية أحيانًا أخرى،
وبضعف واضح لتخطيط مستقبلنا وأضعنا فيه الكثير من الوقت الذي لا يقدر بثمن، عام لم
نتعلم أونُعلم الآخرين فيه شيئًا، فكيف نحتفل بعام لم نعطه حقه، وكنا فيه زوارا على هامش صفحات الحياة، لم نحقق
فيه شيئًا ولم نُسَطَّر فيه علمًا.
فهل هوعام مضى من عمرنا أم عام ضاع من بين
أيدينا؟! إذالم نحسن استثماره وإذا ما استمر الوضع على هذا المنوال فسوف تنقضي
حياتنا لم ننجز فيها ولا نذكر منها شيئا سوى الاحتفال.
من وجهة نظري إن الأمر لا يتعلق بالاحتفال بقدوم عام
جديد أو التخلص من هموم عام مضى، ولكنه يتعلق بما هو أهم وأخطر من ذلك، إنه الوقت
الذي ما ملك الإنسان أغلى منه، وقت يمر علينا ونحن غافلين بالبكاء على عام مضى أو
فرحين بغيب آت، دونما أن نحقق أو ننجز بينهما شيئًا يعود علينا وعلى مجتمعاتنا بالنفع
والفائدة، فلنحسن استثمار الوقت ولنعمل على تطوير وتنميه أنفسنا ونسعى جاهدين
لتحقيق أحلامنا وطموحاتنا، ونسير خطوات بناءة نحو المستقبل، عندها فقط يحق لنا
الاحتفال مرات ومرات بعام مضى وعام آت.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق