الابداع بين الدافعية المجتمعية والحاجات الشخصية - مدونة أحمد همام الابداع بين الدافعية المجتمعية والحاجات الشخصية | مدونة أحمد همام -->

الابداع بين الدافعية المجتمعية والحاجات الشخصية

تتنوع دوافع الأفراد نحو الإبداع بناء على البيئة المحيطة بهم المساعدة أو المحبطة أوالقاتلة أحيانًا للإبداع، أو إلى الحاجة الشخصية التي قد يطمح الأفراد من ورائها إلى تحقيق عدد من المنافع الشخصية؛ كتحقيق الذات والطموح إلى الشهرة وغيرها.
فالبيئة المحيطة بالفرد قديمًا، وأقصد بها "المجتمع القبلي" وما تفرضه القيم والعادات والتقاليد السائدة فيه من اتباع أساليب قد تدفع الأفراد نحو الإبداع أو تجبرهم نحو اتباع التقليد ونبذ التوجه نحو التجديد والتطوير والتغيير، والقبول بما هو واقع دون المساس به أو مجرد التفكير في تغييره. وهو ما نلاحظه في العادات القبلية القديمة، وما ينتج عنها من صراع بين أفرادها عند محاولة مجرد التفكير في خرق تلك العادات والنظم. فكان الإبداع قليلًا إلا في حدود ما تسمح به تلك القوانين القبلية.
أما في المجتمعات الحديثة، فتمثل القوانين التي تسنها الدول، إضافة إلى قيم المجتمع التي اكتسبها من خلال تطور الثقافة والمعرفة بين أفراده وما طرأ من تطور وتغيير في عاداته وتقاليده وأعرافه، والتوجه نحو تكوين المجتمعات الصناعية، وإنشاء المدن واكتساب قيم المدنية كل هذه العوامل أصبحت تمثل دوافع مجتمعية محيطة بالأفراد تدفعهم وتشجعهم نحو الإبداع من خلال الاهتمام بالتنمية البشرية للأفراد، وتهيئة البيئة العلمية والثقافية والاقتصادية الملائمة لدعمهم وتدريبهم وتبنى أفكارهم الإبداعية والاستفادة منها وتطبيقها بما يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع. وفي هذه المجتمعات يبلغ الأبداع ذروته، ويقدم أفرادها زخم من الأفكار الإبداعية التي تعمل على تطور هذه المجتمعات التي تعمل على تطبيقها وتقديمها كابتكارات واختراعات تضع هذه الدول والمجتمعات في مصاف الدول المتقدمة.
وفي المقابل نجد أن بعض المجتمعات ما زالت محتفظة بعقليتها وتقاليدها القديمة التي عفى عليها الزمن، فتسن من القوانين البيروقراطية التي تحطم آمال المبدعين من أفرادها، وتقتل أحلامهم وتحرمهم حتى من تحقيق طموحهم الإبداعي ولو على المستوى الشخصي، وتجعل من الروتين نظامًا يهدم كل إبداع، فتهمل تنمية وتعليم أفرادها، وتُغيب مؤسساتها البحثية والعلمية فتنهار ثقافتها ويتدهور اقتصادها؛ ويتسرب علمائها وخبرائها، وخيرة خبرات أبنائها إلى دول ومجتمعات أخرى؛ تقدر إبداعها وتحقق أحلامها. فتجني هذه المجتمعات ثمار سياساتها التي تهدم الإبداع، فتتدهور أحوالها وتعجز عن مسايرة من حولها من المجتمعات، وتصبح مجرد مجتمعات تابعة ومقلدة، وتجد نفسها خارج حدود المنافسة... بل خارج حدود الزمن.
عندما تجد دولة ما أو مجتمع ما يسير في طريق التطور والتنمية إلى الأمام بخطى ثابته ومتسارعه فانظر إلى تعامله ورعايته إلى الابداع والمبدعين وما تقدمه إليهم من دعم، فطريق التنمية ممهد فقط للدول التي ترعى الابداع والمبدعين، وتطبق أفكارهم الابداعية بابتكارات تعود بالنفع والفائده على الأفراد والمجتمع.
إن تطور المجتمعات لا يأتي من فراغ أو يحدث من قبيل الصدفة، بل تتطور عندما تلتقي الدوافع المجتمعية والحاجات الشخصية للابداع في نسق يسهم في تطورها؛ من خلال الاهتمام بتنمية وتعليم أفرادها، وتهيئة البيئة العلمية والثقافية والاقتصادية الملائمة لهم ليكونوا مبدعين، وتوفر لهم كل وسائل الدعم، وتتبنى افكارهم الإبداعية وتشجعها وتعمل على استثمارها وتطبيقها على شكل ابتكارات واختراعات تسهم في  عجلة تطور وتنمية تلك المجتمعات.

إن العقول المبدعة هي ثروة المجتمعات الحديثة، فلنعمل على دعمها وتشجيعها ولنحسن استثمارها فهي مستقبل المجتمعات والأجيال القادمة. 

حقوق الطبع والنشر والنسخ محفوظة للكاتب

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *