ثقافة استدامة وحفظ النعم - مدونة أحمد همام ثقافة استدامة وحفظ النعم | مدونة أحمد همام -->

ثقافة استدامة وحفظ النعم


الطعام نعمة لا تقدر بثمن، ولا يقدر قيمتها الفعلية إلا من يفتقدها ويكفي أن استمرار حياة الإنسان تعتمد على مدى توفر حاجته من الماء والطعام، من هنا بدأت جهود الكثيرين من أجل التوعية بضرورة حفظ النعم، ومن ضمنها مشروع "حفظ النعمة" التابع لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي والذي يهدف إلى حفظ كل ما هو زائد عن الحاجة وتحويله إلى من يحتاجه سواء من الطعام أو الملبس أو الاثاث بطرق سليمة حيث يعاد تجهيزها ثم توزيعها على الفقراء والمحتاجين،  تحقيقًا للتكامل بين فئات المجتمع وتكريسًا لمبدأ الشعور بالمسؤولية المجتمعية في حفظ النعم.
وهذا المقال لا يعدو إلا أن يكون محاولة متواضعة من كاتبه للتوعية بضرورة استدامة حفظ النعم.
 تتنوع المائدة الرمضانية في شهر رمضان المبارك بتنوع العادات والتقاليد وتختلف من دولة لأخرى بل من شعب لآخر، فهناك أنواع متعددة من أشهى أنواع الطعام مثل الخليجية والسورية والمصرية، والسودانية وغيرها الكثير، لكني أخص بالحديث هنا الطعام الهندي.
ولن أتحدث عن أشهي أنواع الطعام الهندية، وطرق إعدادها، ولكني سأتحدث عن الطريقة التي يتناول بها أهل الهند طعامهم!
قد لا يهتم الكثير منا أو لا يكترث كثيرًا بكمية الطعام التي ينوي تناولها فيضع كميات تفوق حاجته، والنتيجة أكل القليل ورمي الكثير من الطعام  ليصبح طعام تالف، وفي نفس الوقت وفي مكان آخر من العالم قد يتضور البعض جوعًا ويصبح الحصول على القليل من الطعام الذي نقوم باتلافه حلمًا لدى البعض.
ينظر الهنود إلى أنواع الطعام المختلفة باعتبارها شيء مقدس،  فيقدرون قيمته ويحافظون على هذه النعمة، كيف لا واستمرار حياة الإنسان تعتمد على مدى توافرها واستدامتها.
إن طريقة تناولهم للطعام تقوم على فلسفة حفظ النعم، فعندما يوضع الطعام لا بد من توافر إناء خاص (طبق) يتم وضع كميات قليلة من الطعام بها حسب مدى جوع وحاجة الفرد، وبمجرد الإنتهاء من تناول الكمية كاملة فلا غضاضه عند الرغبة في تناول المزيد أن يضع مزيدًا من الطعام بقدر ما يحتاج إليه فقط، دون اسراف أو تبذير. والحقيقة إن هذه الطريقة تضمن بقاء الآنية التي تحمل الطعام نظيفة وتحول دون سوء استخدام بقية كميات الطعام، وتعمل على استدامتها واستخدمها مرات متعددة عند الحاجة إليها، دون تعرضها للتلف، بل وعند زيادتها عن حاجة أهل البيت تكون صالحة لإهدائها وتقديمها بطريقة لائقة إلى المحتاجين من حولنا.
قد يقول البعض وما هو الجديد في ذلك، فهناك بعض الأسر بل حتى المطاعم الفاخرة أو الفنادق تقوم بتقديم الطعام على نفس الشاكلة.
قد يكون ذلك صحيحًا ولكن ما زال الأمر محصورًا بطبقة معينة أو فئة معينة، وما أهدف إليه هو نشر ثقافة كيفية تناول الطعام لاستدامة حفظ النعم، وأن تكون هذه الثقافة  عامة لدى جميع أفراد المجتمع، نعلمها صغارنا ونستمدها من كبارنا، حتى نصل إلى إدراك تام أن الطعام نعمة كبيرة يجب المحافظة عليها. دون إسراف أو تبذير، بل وتعميم هذه الفكرة على بقية النعم الأخرى كالماء فلا نسرف ونقتصد ونستهلكها بقدر الحاجة إليها. 
وقد نقرأ على سبيل الطرفة دون الانتبهاه إلى الأهداف، أن بعض المطاعم في ألمانيا مثل مطعم Yuoki وهو مطعم مخصص لتحضير وتقديم السوشي وضع سياسة يتم فيها تغريم كل شخص ب 1 يورو إذا لم ينهي طعامه، بهدف تقليل كميات الطعام الذي يتم رميه.
إن في شهر رمضان احساس ومشاركة بأحوال الفقراء والمساكين من الجوع  والعطش، أليس الأجدر بنا ونحن نكابد الجوع في نهار رمضان أن نقدر قيمة الطعام، فنبتعد عن إهدار كميات كبيرة من الطعام، كان بإمكاننا المحافظة عليها فقط بتعديل سلوكياتنا في طريقة تناولنا للطعام.
وبما أن هذا المقال لا يدعو إلى تقليل الكميات المتناولة من الطعام لأهداف التخسيس مثلًا، بل كُل ما شئت من الطعام حسب حاجتك ولكن اختلافي وما أهدف إليه يكمن في الكيفية التي نتناول بها طعامنا لتحقيق صفر هدر من الطعام.
إن تعديل بسيط في أسلوب تناولنا للطعام يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا وخطوة للإمام نحو استدامة وحفظ النعم، والبعد عن الإسراف وهدر كميات كبيرة من الطعام ، ولقد نهى الإسلام عن الإسراف والتبذير فقال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف 31.
فلنسعى لنشر ثقافة استدامة وحفظ النعم، وتعليمها أطفالنا وشبابنا ليعم الخير بلادنا وتدوم علينا النعم.
 جميع حقوق الطبع والنسخ والنشر محفوظة للكاتب

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *