عصا موسى هي
إحدى المعجزات التي خص الله سبحانه وتعالى بها نبيه موسى عليه السلام،تلك العصا
التي كان يتوكَّأُ عليها في أسفاره وترحاله وتجواله،
ويستعينُ بها في المشي، ويهش بها على غنمه
وله فيها مآرب أخرى كما ذكر ذلك
القرآن الكريم:﴿هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا
عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى ﴾(سورة
طه الآية:18). والتي تحولت بحول الله وقدرته إلى معجزة:﴿قَالَ
أَلْقِهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ﴾. (سورة طه الآيات:19-20). من هنا
بدأت مسيرة أخرى للعصا وأضحت معجزة من المعجزات التي واجه بها سيدنا موسى جبروت
الفرِعون، الذي حشر السحرة يوم الزينة وكُله أمل بنصر مبين على موسى؛ ولكن خاب ظنه
عندما أدرك السحرة معجزة سيدنا موسى، وأن هذه المعجزة تفوق قدرة السحر والبشر،
والجدير بالملاحظة هنا أن السحرة لم يؤمنوا بقدرة العصا أو بمالكها سيدنا موسى؛ولم
يسلموا أمرهم إليهم، بل علموا أن خلف موسى وعصاه معجزة كبرى لا يملكها بشر، ولا
يمكن أن تأتي إلا من قبل إله قدير سبحانه
وتعالى، فأمنوا به وأسلموا لله رب العالمين،وغيرها الكثير
من معجزات العصا التي وقعت بإذن
الله.
ربما من عصا
موسى ومعجزاتها جاء الإلهام لِكُتَّاب ومخرجي أفلام هوليود فصوروا كل ساحر أو صاحب
قدرات خارقة وهو يحمل عصا في يده، يملك بها زمام الأمور ويحل بها كل أمر شَابهُ
الغموض، فجاءت سلسلة أفلام "هاري بوتر" وغيرها من الأفلام التي تجعل
الحل والأمل في العصا السحرية تلك الفكرة التي بدأت بعصا موسى ولا زالت تتداول حتى
يومنا هذا.
ولكن ما بال
حالنا اليوم، نواجه في حياتنا الكثير من المشاكل والأزمات أفرادًا ومجتمعات، لا
نبحث عن الأسباب أو عن حلول أو حتى عن مقاربات،
ألغينا العقل والمنطق وامتلأت حياتنا بالمفارقات، فكل ما يهمنا أن نبحث عن حل
سحري لمشاكلنا حتى وإن كان بالأمنيات، فالبعض منا يتمنى لو امتلك عصا كعصا موسى،
أو مصباح كمصباح علاء الدين السحري وكم تمنينا خاتمًا كخاتم سيدنا سليمان.
ونسينا رب
موسى وعصاه، بل نسينا حتى موسى ولم نعد نذكر سوى عصاه، بالرغم من أن سيدنا موسى نفسه
ورغم امتلاكه لها لم يعتمد عليها وإنما اعتمد على الله سبحانه وتعالى، فلما تبعه
الفرعون وجنوده وأصبح الفرعون من خلفه والبحر من أمامه لم يقل إن معي عصاي ستُنجيِن
ولكنه توجه إلى ربه ورب العصا سبحانه وتعالى رب العالمين﴿فَلَمَّا تَرَاءَى
الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا
إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾.(سورةالشعراء الآية: 62).
فما بالنا
اليوم نربط أحلامنا وحياتنا بآمال وأشياء لا تملك من أمرها شيئًا، فتارة عصا موسى،
وأخرى مصباح علاء الدين وخاتم سيدنا سليمان، وظهرت أحلامنا واضحة في قصصنا وأفلامنا
وكتاباتنا وأشعارنا وأغنياتنا بل لم تسلم منها حتى أمنياتنا، لم نعد نعيش في الواقع
وأصبحنا نعيش فقط في الأوهام، فكلها أمنيات وأمنيات وأشياء لا تملك من أمرها شيئًا
إلا بقدرة الله سبحانه وتعالى، ونسينا أو تناسينا ما جاء به موسى وكل الأنبياء، وتمسكنا
بعصا ونسينا رب موسى والعصا.
ليس هنالك
حلول سحرية وليس حل مشكلاتنا بالأمنيات،إنما ينقصنا إيمان صادق بالله رب
السموات من بيديه كل المعجزات، وتوكل عليه وصدق في القول والعمل بكل جد
واجتهاد، فأي عاقل يترك رب السموات ويبحث عن حل في عصا هنا وهناك؟تلك قصة
العصا معجزة خصها الله لنبي من الأنبياء، فهل ما زلنا نُمني النفس بعصا كعصاه؟!
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق