قد نفاجأ احيانا بتصرفات لم نعهدها من أشخاص كنا نظن
أننا نعرفهم حق المعرفة، وقد يصل الأمر إلى حد الصدمة من ردة أفعالهم
وتصرفاتهم، بل ونقر يقينا بأنهم ليسوا نفس
الأشخاص الذين عهدناهم وعرفناهم من قبل، فماذا حدث؟ ولماذا؟
إن بعض من الناس يتقنون فن التمثيل، ويحترفون الخداع،
ويمتهنون المراوغة، ويستغلون حسن نية الآخرين، فيرتدون أقنعة يخدعون بها الناس، قد يرتدى البعض منهم قناع التقوى والورع ويرسمون
الطيبة على وجوههم، فيحسنون استغلال الناس بوازع ديني، لتحقيق مصالح ومطامع شخصية،
فتفتح لهم قلوب الآخرين يمرحون ويعمهون فيها كيفما شاءوا، وعندما يتمكنون... يتنكرون!
وقد يرتدى البعض منهم قناع الغنى، فيخدع الآخرين بأنه
ثري من الأثرياء، ويسحر عيون الناس، ويسلب عقولهم، ويظفر بأموالهم وثرواتهم... ويختفى وسط زحام الحياة.
وقد يرتدي البعض منهم قناع العلم، ديني أو دنيوي، فيوهم
الآخرين بأن مفاتيح العلم بيمينه، وبأنه وصل إلى درجة من العلم لا ينازعه فيها حتى
الأنبياء "والعياذ بالله"، ويستغل سذاجة البسطاء، ويحركهم كالدمى في
مسرح الحياة، يأمرهم باسم العلم والدين ويتفنن في صياغة الفتاوى، والقوانين، فيحل
ما حرم الله ويحرم ما أحل الله، ويستبيح أموالهم ودماءهم، ويفتنهم في أنفسهم
وأموالهم. وذلك من وجهة نظري أخطر أنواع الأقنعة على الاطلاق، لأن من يسلب أموالك
قد تعوضها أو تستردها في وقت لاحق، ومن يحقق مصالح على حسابك فقد اتاح لك فرصة أن تتعلم
درسًا من دروس الحياة، أما من يسلب عقلك ومستقبلك، ويحرم عليك حقك في العلم
والمعرفة، فتسلم القياد إليه طوعا أو كرها، فلا حق إلا ما يراه، ولا أمر إلا ما
أرتاه، فتلك المصيبة التي لا يمكن تعويضها.
وإذا أمعنا النظر من حولنا لوجدنا للأسف الشديد بدل
القناع ألف قناع....
ولكن من رحمة
الله بعباده أن تلك الأقنعة كلها أو جُلها لا بد من وقت تتساقط فيه، وتنكشف
الحقيقية، ويرى الناس وجوها قبيحة، ونفوسا مريضة تختفي خلفها، لا ندري أنحتقرها أم
ندعو لها بالهداية، والمصيبة الكبرى كلما سقط قناع سارعوا لارتداء قناع آخر، غير
مدركين بأن لا جدوى منها جميعها، فعندما يسقط قناع تتبعها جميع الأقنعة بالسقوط، فهي
كشبكة مصالح عنكبوتية مرتبطة ببعضها البعض، فحينها تتكشف الحقائق الواحدة تلو
الأخرى، وتعلو حتى تستقر وسط السماء، تلك هي شمس الحقيقية التي لا تغيب.
لذا عندما تبدأ الأقنعة بالتساقط، لا تتعجل ... فقط انتظر سقوط
القناع الأخير.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق