البحث عن جنسية - مدونة أحمد همام البحث عن جنسية | مدونة أحمد همام -->

البحث عن جنسية


عرف معجم المعاني الهِجْرَةُ بأنها الخروج من أرضٍ إلى أخرى، وانتقال الأفراد من مكان إلى آخر سعيًا وراء الرزق، وتعني انتقال شخص إلى بلد جديد وهو ليس مواطنا فيه ليعيش هناك بصفة دائمة.
وإذا كان مصطلح الهِجْرَةُ يرتبط في أذهاننا بالانتقال إلى أرض جديدة أو إلى بلد جديد سعيًا وراء الرزق، كما شهدنا منذ عقود قليلة مضت الهجرة إلى دول أوروبية وأمريكية، فإن مصطلح التهجير يعني الخروج أو الانتقال القسري من أرض إلى أخرى.
وللهجرة أسبابُ كثيرة يمكن اختصارها في سببين رئيسيين: يتمثل السبب الأول في البحث عن وضع اقتصادي أفضل (حديثًا) والبحث عن مصادر المياه والمراعي الخصبة التي توفر الأمن الغذائي لأفراد القبيلة (قديمًا).
أما السبب الثاني فهو الهجرة بحثًا عن الأمن والأمان خاصة في زمن تكثر فيه الحروب والصراعات.

الهجرة بحثًا عن الأمن الغذائي ومصادر المياه:
ظهر ذلك جليًا في هجرة القبائل بعد إنهيار سد مأرب، وانتشارها في مختلف أرجاء  جزيرة العرب والبحث عن بيئة جديدة  تتوفر فيها مصادر المياه. وقديمًا كانت الهجرة بحثًا عن الماء والمرعى بما يمثل توفير الأمن الغذائي للقبائل المهاجرة التي استقرت ردحًا طويلًا من الزمن حول أماكن توفر مصادر المياه، بل وشهدوا حروبا وصراعات للسيطرة عليها، كاقتتال بعض القبائل للظفر بمصادر المياه والآبار، وتوفير سبل الاستقرار وتعزيز قوة القبيلة، وكم كانت البلاد التي تتوفر فيها مصادر المياه كالأنهار والبحيرات العذبة هدفًا للغزو الخارجي وبصورة مستمرة.

الهجرة بحثًا عن الأمن:
مثال ذلك هجرة أقباط مصر وانتقالهم إلى السودان هربًا من اضطهاد الإمبراطورية الرومانية التي كانت مسيطرة على جميع الأراضي التي انتشرت فيها المسيحية في الفترة من القرن الأول إلى الرابع الميلادي، وكونوا لهم ثلاث ممالك نوبية في شمال السودان هي نوباتيا والمقرة وعلوة. 
كما أن خير دليل على الهجرة بحثًا عن الأمن، هجرة المسلمين الأولى والثانية إلى بلاد الحبشة لما أشتهر به  ملكها بالعدل والتسامح، فكان أن وجدوا الأمن والأمان هناك بعدما تحملوا أشد أنواع الاضطهاد والتعذيب على يد كفار قريش.

قوارب الموت:
وفي عصرنا هذا اختلطت الأسباب وتنوعت، ولكن يبقى البحث عن الأمن هو المحور الأساسي في الهجرة المعاصرة الحديثة، خاصة في مناطق انتشرت فيها الحروب والصراعات، فهل هي هجرة لتحقيق الأحلام والآمال؟ أم هي هجرة للوصول إلى بر الأمان، وكيف لا فأينما حل الأمن وتوفر الأمان تحسن الاقتصاد وأزدهرت التجارة.
وإذا كان البعض يبحث في سُبل الهجرة الشرعية عن طريق الهجرة الرسمية، فإن البعض الآخر يضطر إلى الهجرة غير الشرعية لأسباب قد تكون مالية، أو ضياع ما يحمله من أوراق ثبوتية أو غيرها. فيتخذ قرارًا يدل على حاله فإن بقى فهو في عداد الأموات، وإن خاطر بالهجرة في قوارب الموت فقد يكون على موعد مع النجاة.
اكتساب الجنسية:
أصبح الأمر ظاهرة عامة، يستغل تجاريًا من قبل دول وشركات لاكتساب الجنسية من خلال دفع مبالغ مالية تصل في أقل الحالات إلى عشرات الآلاف من الدولارات، ونجد الكثير من الإعلانات تركز على الانتقال إلى العيش إلى دول أفضل مع فرص الحصول على حرية الانتقال بين دول عدة.
ولو انتبهت هذه الشركات وأدركت حاجة الناس ولامست آلامهم، لغيرت من مفاهيم اعلاناتها فبدلا من الاعلان عن توفير سبل معيشة أوفر حظًا وسهولة التنقل بين الدول، إلى: نوفر الأمن والأمان مثال ذلك: (إذا كنت تبحث عن وطن آمن نوفر لك الأمن والأمان في حال الحصول على جنسية دولة .....) لكان أجدى لهم اقتصاديًا،  وإينما حل الأمن والآمان توفر الاستقرار وازدهر الاقتصاد.
هجرة العقول وأصحاب الشهادات العليا:
ولأن الأمر أصبح ظاهرة عامة ولا تُستثنى منها أي طبقة اجتماعية، فالفقراء والأغنياء بل وحتى الطبقة المتوسطة والمثقفين والكتَّاب يسعى معظمهم للبحث عن جنسية، أو بمعنى آخر عن الأمن والأمان، فلا عجب إن كان كاتب هذا المقال يحاول جاهدًا البحث عن جنسية.

جميع حقوق الطبع والنسخ محفوظة للكاتب.




TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *